يعتبر الشهر الأول من عمر الرضيع صندوقا للمفاجآت بالنسبة للأم، خاصة إذا كان الرضيع أول أطفالها، تكتشف معه تدريجيا أول إبتسامة له، أول تعابير وجهه وأول محاولاته لإمساك أحد أصابعها بيده الصغيرة، كما تكتشف معه تألمها الكبير لمرضه الأول، لبكائه المستمر، هشاشة تركيبته الصغيرة وعدم قدرة عضلات وجهه الصغيرعلى الرضاعة لمدة طويلة والمعنى الحرفي لحاجته المستمرة لوجودها وسهرها ورعايتها له.
في الشهر الأول تبدأ التساؤلات عن ساعات نومه الكافية ورضاعته ونظافته وراحته، هذه التساؤلات قد تتحول أحيانا إلى خوف من التقصير في توفير الرعاية الكاملة لهذا الصغير خاصة إن كان كثير البكاء، ما يجب أن تعيه الأم في هذه المرحلة الأولى المهمة هي أن الطفل حديث الولادة ليست له أي طريقة للتعبير عن إحتياجاته غير البكاء، ففي أغلب الأحيان يبكي الرضيع حينما يحتاج إلى تغيير حفاضته المبللة، أوحين يشعر بالجوع أو حين يكون في وضعية غير مريحة. وفي أحيان أخرى كثيرة يبكي فقط لكي تظل أمه بقربه ليحس وهي تضمه إليها بالأمان والحب ومع مرور الوقت تدرك الأم ما يريده صغيرها بسرعة وبدون مشقة ..
إن رعاية الطفل في شهوره الأولى عمل شاق ومرهق بالنسبة للأم، وحضور الأب ومساعدته وإحتواؤه لها ولرضيعهما أمر مهم للغاية، كما أن محاولتهما معا تجاوز التعب والتركيز على إستيعاب ومتابعة النمو الجسدي والنفسي والحسي والإدراكي لصغيرهما سيمكنهما من تهييئه للإنفتاح على عالمه الجديد الغريب وعلى تحرره من قيود الخوف والخجل في المستقبل.
في الشهر الأول، ستحدث مجموعة من التغيرات على طفلك تجعلك تحسين أن وقتا طويلا قد مضى على أول لقاء بينك وبينه :
- يستطيع معظم الأطفال في هذا السن تمييز الوجوه،وبعض الألوان.
- قد يتغير لون عين رضيعك إلى اللون الدائم إبتداء من الشهر الثالث.
- خلال هذه الفترة سيبتسم رضيعك في وجهك لأول مرة ويغمر قلبك بالسعادة.
- سيتمكن رضيعك من النوم بشكل أطول خلال الليل.
- قد تختفي نوبات بكائه المتكررة كل ليلة بسبب المغص الذي يحس به في بطنه.
حياة الطفل خلال هذه الفترة عبارة عن توالي مجموعة من الأحداث، أبطالها نفس الأشخاص : الأم، الأب، الحاضنة، الإخوة، الجد و الجدة…فإذا توالت الأحداث بشكل منتظم ودوري تمكن الطفل من الإحساس بالراحة والطمأنينة، لأنه يثق في محيطه و يستطيع التنبؤ بما سيحدث بعد قليل: فهو يعلم أن حصة الرضاعة قادمة لا محالة عند إحساسه بالجوع، كما أنه متأكد من أن أمه ستغير حفاظاته عند إتساخها، كما فعلت مرات و مرات قبل ذلك. ومن المهم جدا أن يشعر الطفل بالطمأنينة خلال هذه الفترة من حياته. لذا وجب على كل أم وأب إتخاذ مجموعة من التدابير لتحفيز إحساسه بالطمأنينة من قبيل وضعه في نفس المكان كل يوم، قيام نفس الشخص بنفس المهمة بشكل دائم ومنتظم : فالأم مثلا تطعم وتغير الحفاضات، بينما الجد أو الأب يتكلف بالخرجات والأنشطة الترفيهية …
حتى ما إذا كانت الأم مجبرة على العودة إلى العمل وبالتالي إحداث تغييرات مهمة في روتين طفلها الصغير كان من اللازم إدخال هذه التغييرات بشكل تدريجي حتى لا يحس الرضيع بالاضطراب.
تتميز هذه المرحلة أيضا بما يسمى بردود الأفعال الدائرية وهي ردة فعل الرضيع عندما يقوم بفعل ما ثم يكرره مباشرة بعد ذلك، واعيا أنه قد استطاع فعل ذلك بمحض إرادته و إدراكه. فقد ينطق بحرف أو حرفين ثم يكررهما مرات عدة. كما يمكنه لمس لعبة أو شيء ما عن طريق الصدفة ليحاول فعل ذلك عدة مرات محققا بذلك سعادة ونشوة كبيرتين لأنه هو من قرر و هو من فعل ذلك.
أكثر ما يحبه ملاكك الصغير هو الإلتصاق بك لشرب حليبه المفضل، أو إمتصاص اللهاية أو أي شيء بيده.يحب أيضا أن ينظر بعينيه الجميلتين إلى كل شيء يتحرك : إليك إلى أبيه، إلى إخوته الصغار، إلى الأشجار إلى لعبه المتدلية من أعلى سريره، يحب أن يبتسم في وجهك كلما دنوت منه،…
في هذه المرحلة يتعود بعد الصغار على الحمل، حذاري ثم حذاري من هذه العادة السيئة، الخاسر الأول و الأخير هو أنت لأنك ستجبرين على حمله طوال الوقت و إلا فعليك تحمل صراخه المتواصل.
تعليقات
إرسال تعليق